فصل: فتح مدينة دمشق وأرضها:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: فتوح البلدان (نسخة منقحة)



.فتح مدينة دمشق وأرضها:

330- قالوا: لما فرغ المسلمون من قتال من اجتمع لهم بالمرج أقاموا خمس عشرة ليلة، ثم رجعوا إلى مدينة دمشق لاربع عشرة ليلة بقيت من المحرم سنة أربع عشرة، فأخذوا الغوطة وكنائسها عنوة.
وتحصن أهل المدينة وأغلقوا بابها.
فنزل خالد بن الوليد على الباب الشرقي في زهاء خمسة آلاف ضمهم إليه أبو عبيدة.
وقوم يقولون إن خالدا كان أميرا، وإنما أتاه عزله وهم محاصرون دمشق.
وسمى الدير الذي نزل عنده خالد دير خالد.
ونزل عمرو ابن العاصي على باب توما.
ونزل شرحبيل على باب الفراديس.
ونزل أبو عبيدة على باب الجابية.
ونزل يزيد بن أبي سفيان على الباب الصغير إلى الباب الذي يعرف بكيسان.
وجعل أبو الدرداء عويمر بن عامر الخزرجي على مسلحة ببرزة.
وكان الأسقف الذي أقام لخالد النزل في بدأته ربما وقف على السور فدعى له خالد: فإذا أتى سلم عليه وحادثه.
فقال له ذات يوم: يا أبا سليمان! إن أمركم مقبل، ولي عليك عدة، فصالحني عن هذه المدينة، فدعى خالد بدواة وقرطاس فكتب: (بسم الله الرحمن الرحيم.
هذا ما أعطى خالد بن الوليد أهل دمشق إذا دخلها: أعطاهم أمانا على أنفسهم وأموالهم وكنائسهم وسور مدينتهم لا يهدم ولا يسكن شيء من دورهم.
لهم بذلك عهد الله وذمة رسوله صلى الله عليه وسلم والخلفاء والمؤمنين لا يعرض لهم إلا بخير إذا أعطوا الجزية).
ثم إن بعض أصحاب الأسقف أتى خالدا في ليلة من الليالي فأعلمه أنها ليلة عيد لأهل المدينة، وأنهم في شغل، وأن الباب الشرقي قد ردم بالحجارة وترك وأشار عليه أن يلتمس سلما.
فأتاه قوم من أهل الدير الذي عند عسكره بسلمين فرقى جماعة من المسلمين عليهما إلى أعلى السور ونزلوا إلى الباب وليس عليه إلا رجل أو رجلان.
فتعاونوا عليه وفتحوه، وذلك عند طلوع الشمس، وقد كان أبو عبيدة بن الجراح عانى فتح باب الجابية وأصعد جماعة من المسلمين على حائطه، فأنصب مقاتلة الروم إلى ناحيته فقاتلوا المسلمين قتالا شديدا، ثم إنهم ولوا مدبرين، وفتح أبو عبيدة والمسلمون معه باب الجابية عنوة، ودخلوا منه، فالتقى أبو عبيدة وخالد بن الوليد بالمقسلاط، وهو موضع النحاسين بدمشق، وهو البريص الذي ذكره حسان بن ثابت في شعره حين يقول:
يسقون من ورد البريص عليهم ** بردى يصفق بالرحيق السلسل

330- وقد روى أن الروم أخرجوا ميتا لهم من باب الجابية ليلا، وقد أحاط بجنازته خلق من شجعانهم وكماتهم، وانصب سائرهم إلى الباب فوقفوا عليه ليمنعوا المسلمين من فتحه ودخوله إلى رجوع أصحابهم من دفن الميت، وطمعوا في غفلة المسلمين عنهم، وإن المسلمين بدروا بهم فقاتلوهم على الباب أشد قتال وأبرحه حتى فتحوه في وقت طلوع الشمس.
فلما رأى الأسقف أن أبا عبيدة قد قارب دخول المدينة بدر إلى خالد فصالحه وفتح له الباب الشرقي.
فدخل والأسقف معه ناشرا كتابه الذي كتبه له.
قال بعض المسلمين: والله ما خالد بأمير فكيف يجوز صلحه؟ فقال أبو عبيدة: إنه يجيز على المسلمين أدناهم.
وأجاز صلحه وأمضاه، ولم يلتفت إلى ما فتح عنوة، فصارت دمشق صلحا كلها.
وكتب أبو عبيدة بذلك إلى عمر وأنفذه، وفتحت أبواب المدينة فالتقى القوم جميعا.
331- وفى رواية أبى مخنف وغيره أن خالدا دخل دمشق بقتال، وأن أبا عبيدة دخلها بصلح، فالتقيا بالزياتين. والخبر الأول أثبت.
332- وزعم الهيثم بن عدي أن أهل دمشق صولحوا على أنصاف منازلهم وكنائسهم.
333- وقال محمد بن سعد: قال أبو عبد الله الواقدي: قرأت كتاب خالد بن الوليد لأهل دمشق فلم أر فيه أنصاف المنازل والكنائس.
وقد روى ذلك ولا أدرى من أين جاء به من رواه.
ولكن دمشق لما فتحت لحق بشر كثير من أهلها بهرقل وهو بأنطاكية، فكثرت فضول منازلها فنزلها المسلمون.
334- وقد روى قوم أن أبا عبيدة كان بالباب الشرقي وأن خالدا كان بباب الجابية.
وهذا غلط.
335- قال الواقدي: وكان فتح مدينة دمشق في رجب سنة أربع عشرة.
وتاريخ كتاب خالد بصلحها في شهر ربيع الآخر سنة خمس عشرة.
وذلك أن خالدا كتب الكتاب بغير تاريخ، فلما اجتمع المسلمون للنهوض إلى من تجمع لهم باليرموك أتى الأسقف خالدا فسأله أن يجدد له كتابا ويشهد عليه أبا عبيدة والمسلمين.
ففعل وأثبت في الكتاب شهادة أبى عبيدة ويزيد بن أبي سفيان وشرحبيل بن حسنة وغيرهم، فأرخه بالوقت الذي جدده.
336- وحدثني القاسم بن سلام قال: حدثنا أبو مسهر، عن سعيد بن عبد العزيز التنوخي قال: دخل يزيد دمشق من الباب الشرقي صلحا فالتقيا بالمقسلاط، فأمضيت كلها على الصلح.
337- وحدثني القاسم قال: حدثنا أبو مسهر عن يحيى بن حمزة عن أبي المهلب الصنعاني، عن أبي الأشعث الصنعاني أو أبى عثمان الصنعاني أن أبا عبيدة أقام بباب الجابية محاصرا لهم أربعة أشهر.
338- حدثني أبو عبيد قال: حدثنا نعيم بن حماد عن ضمرة بن ربيع؟، عن رجاء بن أبي سلمة قال: خاصم حسان بن مالك عجم أهل دمشق إلى عمر بن عبد العزيز في كنيسة كان رجل من الأمراء أقطعه إياها.
فقال عمر: إن كانت من الخمس العشرة الكنيسة التي في عهدهم فلا سبيل لك عليها.
قال ضمرة عن علي بن أبي حملة: خاصمنا عجم أهل دمشق إلى عمر بن عبد العزيز في كنيسة كان فلان قطعها لبنى نصر بدمشق، فأخرجنا عمر عنها وردها إلى النصارى.
فلما ولى يزيد بن عبد الملك ردها إلى بني نصر.
339- حدثني أبو عبيد قال: حدثنا هشام بن عمار عن الوليد بن مسلم، عن الأوزاعي أنه قال: كانت الجزية بالشام في بدئ الأمر جريبا ودينارا على كل جمجمة.
ثم وضعها عمر بن الخطاب على أهل الذهب أربعة دنانير وعلى أهل الورق أربعين درهما، وجعلهم طبقات لغنى الغنى وإقلال المقل وتوسط المتوسط.
قال هشام: وسمعت مشايخنا يذكرون أن اليهود كانوا كالذمة للنصارى يؤدون إليهم الخراج فدخلوا معهم في الصلح.
وقد ذكر بعض الرواة أن خالد بن الوليد صالح أهل دمشق فيما صالحهم عليه على أن ألزم كل رجل من الجزية دينارا وجريب حنطة وخلا وزيتا لقوت المسلمين.
340- حدثنا عمرو الناقد حدثنا عبد الله بن وهب المصري عن عمر بن محمد عن نافع عن أسلم مولى عمر بن الخطاب أن عمر كتب إلى أمراء الأجناد يأمرهم أن يضربوا الجزية على كل من جرت عليه الموسى، وأن يجعلوها على أهل الورق على كل رجل أربعين درهما، وعلى أهل الذهب أربعة دنانير، وعليهم من أرزاق المسلمين من الحنطة والزيت مديان حنطة وثلاثة أقساط زيتا، كل شهر لكل إنسان بالشام والجزيرة، وجعل عليهم ودكا وعسلا لا أدري كم هو، وجعل لكل إنسان بمصر في كل شهر أردبا وكسوة وضيافة ثلاثة أيام.
341- وحدثنا عمرو بن حاد بن أبي حنيفة قال حدثنا مالك بن أنس عن نافع، عن أسلم أن عمر ضرب الجزية على أهل الذهب أربعة دنانير وعلى أهل الورق أربعين درهما، مع ذلك أرزاق المسلمين وضيافة ثلاثة أيام.
342- وحدثني مصعب عن أبيه عن مالك عن نافع عن أسلم بمثله.
343- قالوا: ولما ولى معاوية بن أبي سفيان أراد أن يزيد كنيسة يوحنا في المسجد بدمشق.
فأبى النصارى ذلك، فأمسك.
ثم طلبها عبد الملك بن مروان في أيامه للزيادة في المسجد، وبذل لهم مالا فأبوا أن يسلموها إليه.
ثم إن الوليد بن عبد الملك جمعهم في أيامه وبذل لهم مالا عظيما على أن يعطوه إياها فأبوا.
فقال: لئن لم تفعلوا لأهدمنها.
فقال بعضهم: يا أمير المؤمنين! إن من هدم كنيسة جن وأصابته عاهة.
فأحفظه قوله، ودعا بمعول وجعل يهدم بعض حيطانها بيده، وعليه قباء خز أصغر.
ثم جمع الفعلة والنقاضين فهدموها، وأدخلها في المسجد.
فلما استخلف عمر بن عبد العزيز شكا النصارى إليه ما فعل الوليد بهم في كنيستهم.
فكتب إلى عامله يأمره برد ما زاده في المسجد عليهم.
فكره أهل دمشق ذلك وقالوا: يهدم مسجدنا بعد أن أذنا فيه وصلينا ويرد بيعة؟.
وفيهم يومئذ سليمان بن حبيب المحاربي وغيره من الفقهاء.
وأقبلوا على النصارى فسألوهم أن يعطوا جميع كنائس الغوطة التي أخذت عنوة وصارت في أيدي المسلمين، على أن يصفحوا عن كنيسة يوحنا ويمسكوا عن المطالبة بها.
فرضوا بذلك وأعجبهم.
فكتب به إلى عمر فسره وأمضاه.
وبمسجد دمشق في الرواق القبلى مما يلي المئذنة كتاب في رخامة بقرب السقف:
(مما أمر ببنيانه أمير المؤمنين الوليد سنة ست وثمانين).
344- وسمعت هشام بن عمار يقول: لم يزل سور مدينة دمشق قائما حتى هدمه عبد الله بن علي بن عبد الله بن العباس بعد انقضاء أمر مروان وبني أمية.
345- وحدثني أبو حفص الدمشقي عن سعيد بن عبد العزيز، عن مؤذن مسجد دمشق وغيره قالوا: اجتمع المسلمون عند قدوم خالد على بصرى ففتحوها صلحا، وانبثوا في أرض حوران جميعا فغلبوا عليها.
وأتاهم صاحب أذرعات فطلب الصلح على مثل ما صولح عليه أهل بصرى على أن جميع أرض البثنية أرض خراج.
فأجابوهم إلى ذلك.
ومضى يزيد بن أبي سفيان حتى دخلها، وعقد لأهلها.
وكان المسلمون يتصرفون بكورتي حوران والبثنية.
ثم مضوا إلى فلسطين والأردن وغزوا ما لم يكن فتح.
وسار يزيد إلى عمان ففتحها فتحا يسيرا بصلح على مثل صلح بصرى، وغلب على أرض البلقاء.
وولى أبو عبيدة وقد فتح هذا كله، فكان أمير الناس حين فتحت دمشق، إلا أن الصلح كان لخالد وأجاز صلحه.
وتوجه يزيد بن أبي سفيان في ولاية أبي عبيدة ففتح عرندل صلحا، وغلب على أرض الشراة وجبالها.
قال: وقال سعيد بن عبد العزيز أخبرني الوضين أن يزيد أتى بعد فتح مدينة دمشق صيدا وعرقة وجبيل وبيروت وهي سواحل، وعلى مقدمته أخوه معاوية، ففتحها فتحا يسيرا وجلا كثيرا من أهلها، وتولى فتح عرقة معاوية نفسه في ولاية يزيد.
ثم إن الروم غلبوا على بعض هذه السواحل في آخر خلافة عمر بن الخطاب أو أول خلافة عثمان بن عفان، فقصد لهم معاوية حتى فتحها، ثم رمها وشحنها بالمقاتلة وأعطاهم القطائع.
346- قالوا: فلما استخلف عثمان وولى معاوية الشام وجه معاوية سفيان بن مجيب الأزدي إلى أطرابلس، وهي ثلاث مدن مجتمعة، فبنى في مرج على أميال منها حصنا سمى حصن سفيان، وقطع المادة عن أهلها من البحر وغيره وحاصرهم، فلما اشتد عليهم الحصار اجتمعوا في أحد الحصون الثلاثة وكتبوا إلى ملك الروم يسألونه أن يمدهم أو يبعث إليهم بمراكب يهربون فيها إلى ما قبله.
فوجه إليهم بمراكب كثيرة فركبوها ليلا وهربوا.
فلما أصبح سفيان- وكان يبيت كل ليلة في حصنه ويحصن المسلمين فيه، ثم يغدو على العدو- وجد الحصن الذي كانوا فيه خاليا فدخله.
وكتب بالفتح إلى معاوية، فأسكنه معاوية جماعة كبيرة من اليهود.
وهو الذي فيه المينا اليوم.
ثم إن عبد الملك بناه بعد وحصنه.
347- قالوا: وكان معاوية يوجه في كل عام إلى أطرابلس جماعة كثيفة من الجند يشحنها بهم ويوليها عاملا، فإذا انغلق البحر قفل وبقى العامل في جميعة منهم يسيرة، فلم يزل الأمر فيها جاريا على ذلك حتى ولى عبد الملك، فقدم في أيامه بطريق من بطارقة الروم ومعه بشر منهم كثير، فسأل أن يعطى الأمان على أن يقيم بها ويؤدى الخراج.
فأجيب إلى مسئلته.
فلم يلبث إلا سنتين أو أكثر منهما بأشهر حتى تحين قفول الجند عن المدينة، ثم أغلق بابها وقتل عاملها وأسر من معه من الجند وعدة من اليهود ولحق وأصحابه بأرض الروم.
فقدر المسلمون بعد ذلك عليه في البحر وهو متوجه إلى ساحل للمسلمين في مراكب كثيرة فقتلوه، ويقال: بل أسروه وبعثوا به إلى عبد الملك فقتله وصلبه.
وسمعت من يذكر أن عبد الملك بعث إليه من حصره بأطرابلس ثم أخذه سلما وحمله إليه فقتله وصلبه.
وهرب من أصحابه جماعة فلحقوا ببلاد الروم.
وقال علي بن محمد المدائني قال عتاب بن إبراهيم: فتح أطرابلس سفيان بن مجيب، ثم نقض أهلها أيام عبد الملك، ففتحها الوليد بن عبد الملك في زمانه.
348- وحدثني أبو حفص الشامي، عن سعيد عن الوضين قال: كان يزيد بن أبي سفيان وجه معاوية إلى سواحل دمشق، سوى أطرابلس فإنه لم يكن يطمع فيها.
فكان يقيم على الحصن اليومين والأيام اليسيرة، فربما قوتل قتالا غير شديد، وربما رمى ففتحها.
قال: وكان المسلمون كلما فتحوا مدينة ظاهرة أو عند ساحل رتبوا فيها قدر من يحتاج لها إليه من المسلمين، فإن حدث في شيء منها حدث من قبل العدو، سربوا إليها الأمداد.
فلما استخلف عثمان بن عفان رضي الله عنه كتب إلى معاوية يأمره بتحصين السواحل وشحنتها وإقطاع من ينزله إياها القطائع ففعل.
349- وحدثني أبو حفص، عن سعيد بن عبد العزيز قال: أدركت الناس وهم يتحدثون أن معاوية كتب إلى عمر بن الخطاب بعد موت أخيه يزيد يصف له حال السواحل، فكتب إليه في مرمة حصونها، وترتيب المقاتلة فيها، وإقامة الحرس على مناظرها، واتخاذ المواقيد لها.
ولم يأذن له في غزو البحر.
وأن معاوية لم يزل بعثمان حتى أذن له في الغزو بحرا وأمره أن يعد في السواحل إذا غزا أو أغزى جيوشا سوى من فيها من الرتب، وأن يقطع الرتب أرضين ويعطيهم ما جلا عنه أهله من المنازل، ويبني المساجد ويكبر ما كان ابتنى منها قبل خلافته.
قال الوضين: ثم إن الناس بعد انتقلوا إلى السواحل من كل ناحية.
350- حدثني العباس بن هشام الكلبي عن أبيه، عن جعفر بن كلاب الكلابي أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه ولى علقمة ابن عوف بن الأحوص بن جعفر بن كلاب حوران، وجعل ولايته من قبل معاوية.
فمات بها.
وله يقول الحطيئة العبسي- وخرج إليه فكان موته قبل وصوله، وبلغه أنه في الطريق يريده، فأوصى له بمثل سهم من سهام ولده:
فما كان يبني لو لقيتك سالما ** وبين الغنى إلا ليال قلائل

351- وحدثني عدة من أهل العلم منهم جار لهشام بن عمار أنه كانت لأبي سفيان بن حرب أيام تجارته إلى الشام في الجاهلية ضيعة بالبلقاء تدعى بقبش، فصارت لمعاوية وولده.
ثم قبضت في أول الدولة وصارت لبعض ولد أمير المؤمنين المهدي رضي الله عنه.
ثم صارت لقوم من الزياتين يعرفون ببني نعيم من أهل الكوفة.
352- وحدثني عباس بن هشام عن أبيه، عن جده قال: وفد تميم بن أوس أحد بنى الدار بن حبيب من لخم، ويكنى أبا رقية، على النبي صلى الله عليه وسلم ومعه أخوه نعيم بن أوس، فأقطعهما رسول الله صلى الله عليه وسلم حبرى وبيت عينون ومسجد إبراهيم عليه السلام، فكتب بذلك كتابا.
فلما افتتح الشام دفع ذلك إليهما.
فكان سليمان بن عبد الملك إذا مر بهذه القطعة لم يعرج وقال: أخاف أن تصيبني دعوة النبي صلى الله عليه وسلم.
353- وحدثني هشام بن عمار أنه سمع المشايخ يذكرون أن عمر بن الخطاب، عند مقدمه الجابية من أرض دمشق، مر بقوم مجذمين من النصارى، فأمر أن يعطوا من الصدقات، وأن يجرى عليهم القوت.
وقال هشام: سمعت الوليد بن مسلم يذكر أن خالد بن الوليد شرط لأهل الدير الذي يعرف بدير خالد شرطا في خراجهم بالتخفيف عنهم حين أعطوه سلما صعد عليه.
فأنفذه لهم أبو عبيدة.
ولما فرغ أبو عبيدة من أمر مدينة دمشق سار إلى حمص فمر ببعلبك، فطلب أهلها الأمان والصلح، فصالحهم على أن أمنهم على أنفسهم وأموالم وكنائسهم وكتب لهم:
(بسم الله الرحمن الرحيم.
هذا كتاب أمان لفلان بن فلان وأهل بعلبك رومها وفرسها وعربها على أنفسهم وأموالهم وكنائسهم ودورهم، داخل المدينة وخارجها، وعلى أرحائهم، وللروم أن يرعوا سرحهم ما بينهم وبين خمسة عشر ميلا، ولا ينزلوا قرية عامرة.
فإذا مضى شهر ربيع وجمادى الأولى ساروا إلى حيث شاؤا.
ومن أسلم منهم فله ما لنا وعليه ما علينا، ولتجارهم أن يسافروا إلى حيث أرادوا من البلاد التي صالحنا عليها، وعلى من أقام منهم الجزية والخراج.
شهد الله، وكفى بالله شهيدا).